رأي | بقلم الزميل د. منذر أبو مروان اسبر , عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق الوطنية
١١ آب ٢٠٢٤
تطرح رسمة الفنان السوري مصطفى معلم إشكالية سياسية تحت عنوان “مؤتمر سوري”.
الرسم، كما هو المقال أو الخطاب، تعبير يحمل نظرة متفحصة فكراً أو اختباراً للواقع.
وما تتميز به رسمة الفنان معلم هو أن عدستها تلخص بقوة ظاهرة يعيشها الواقع السوري نفسه وتشكل حقيقته، أي ازدواجية التجمع السياسي، فهو: مغلق الباب أمام دعاة قضية يعملون من أجلها (مناضلون)، و مفتوح الباب أمام من يستخدمون هذه القضية لمصالحهم الخاصة (انتهازيون).
هكذا يزدوج الواقع سياسياً كحقيقة قائمة أو علمية يمكن تمحيصها والتأكد منها، الأمر الذي يفسر أنه تحت شعار التجمع السياسي، كمسألة بديهية لأول وهلة من أجل الانتصار لقضية عادلة أو مشروعة، فإن هذا التجمع الواحد ينقسم واقعياً إلى اثنين، كما يقول الصينيون: بين مناضلين وانتهازيين، أو كما يقول لينين «بين انتهازيين وثوريين، أو كما يجري اليوم في فرنسا الليبرالية بين يساريين راديكاليين ووسطيين انتهازيين ويمينيين رجعيين».
فالتجمع السياسي في أوضاعنا، بانغلاقه شيئاً فشيئاً، يؤدي بالضرورة إلى ظاهرة الانتهازية، لأن هذا الانغلاق يعني صيانة سيطرة مصالح أصحابه، في حين أن الانفتاح يهدد هذه المصالح الخاصة. وهذا ما يميز أساساً المجتمعات المغلقة عن المجتمعات المنفتحة أو عن المجتمعات المعاقة (شبه المنفتحة).
من هنا، فإن عدسة رسمة الفنان معلم لا تعني مسألة وصفية لظاهرة ما، وإنما هي نقدية لواقع اجتماعي-سياسي تبرز فيه ظاهرة التجمع السياسي نفسه بازدواجيتها الحادة في مجتمع شبه مغلق (معاق) يشتد فيه النزاع بين قطبي الانتهازية والنضالية.
هل يمكن التخلص من هذه الظاهرة؟
الرسمة لا تعرب عن ذلك مباشرة، ومن هنا فإن مجهر الفكر يستخرج من الرسمة نفسها ما يسمى باللامعبر عنه، ألا وهو فتح باب التجمع السياسي على حملة المنتمين للقضية السياسية ما وراء كل تجمع سياسي، خاصة وأن جدلية السياسة قائمة على التعارض بين الانتهازية والنضالية في أي حزب أو تجمع أو تحالف.