النزوح والعنف المستمر في سوريا
تقرير | اعداد رامز باكير، محرر الموقع و عضو قيادة فرع المهجر في هيئة التنسيق الوطنية، وعضو عامل في الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي).
تقرير
١١ حزيران ٢٠٢٤
مازالت كوارث العنف الناتجة عن سلطات قوى الامر الواقع تحول دون امن السوريين والسوريات والسلم الاهلي والسيادة السورية على الأرض.
بعد انخفاض وجيز في حدة العنف عقب زلزال ٦ شباط، تجاوز عدد الأحداث العنيفة وعدد القتلى المستويات السابقة خلال ذلك الصيف.
و في نفس العام، شنت القوات الحكومية هجومًا كبيرًا ضد مجموعات المعارضة في محافظة ادلب شمال غرب سوريا، مما أوقع المئات من المدنيين بين قتيل وجريح، و أدى إلى تعطيل الخدمات العامة الأساسية بشكل كبير.
وارتفع العنف أيضًا في الشمال الشرقي بين سبتمبر ونوفمبر ٢٠٢٣، نتيجة الاشتباكات التي حصلت بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) و جماعات عشائرية مسلحة في محافظة دير الزور، وسلسلة الغارات الجوية التركية المعادية على المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية، مما أدى إلى انقطاع إمدادات المياه والكهرباء لجزء كبير من السكان (الشكل ١).
و بحلول أكتوبر ٢٠٢٣، ادت تداعيات حرب الابادة على غزة إلى سلسلة من الهجمات من قبل مجموعات عسكرية مرتبطة بـ <محور المقاومة> على القواعد الأمريكية في شمال شرق سوريا وعلى أهداف إسرائيلية في مرتفعات الجولان المحتلة، بالإضافة إلى سلسلة من الهجمات من قبل الجيشين الإسرائيلي والأمريكي على أهداف مختلفة في جميع أنحاء سوريا، إلى وقوع عشرات القتلى، بما في ذلك مدنيين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية المدنية.
وخلال عام ٢٠٢٣، سجل مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة (ACLED) ٦،٢٣٤ وفاة مرتبطة بالنزاع و ١٢،٧٤١ حدث عنيف في سوريا، بزيادة قدرها ٣.٥ بالمائة مقارنة بعام ٢٠٢٢. كما و ساهمت الهجمات الإسرائيلية إلى زيادة شدة الصراع السوري بشكل عام. وبين أكتوبر ٢٠٢٣ ومارس ٢٠٢٤، سجلت ACLED ما مجموعه ٢٠١ حدث نزاع و ٢٣٦ حالة وفاة مرتبطة بالهجمات الإسرائيلية داخل سوريا تم تسجيلها ورصدها، وهو أعلى عدد لأحداث النزاع المرتبطة بإسرائيل تم تسجيله منذ أن بدأ المشروع في مراقبة النزاع السوري في عام ٢٠١٧.
وتضمنت هذه الهجمات عمليات اغتيال مستهدفة لعملاء وموظفين إيرانيين أو مرتبطين بإيران، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن ١٧ من أعضاء الحرس الثوري الإيراني بين ٧ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣ و٣ نيسان/ أبريل ٢٠٢٤، (الشكل ٢).
و استهدفت الضربات المتكررة على البنية التحتية الحيوية أيضًا مطاري حلب ودمشق، مما أدى إلى تعطيل حركة الطيران بشكل كبير. ومع ذلك، لا يزال عدد وتأثير الأحداث المرتبطة باسرائيل محدود ضمن سياق مسرح الصراع الأوسع في سوريا.
ومن أكتوبر حتى مارس ٢٠٢٤، أظهرت الهجمات الإسرائيلية نفس معدل الوفيات المتوسط للهجمات التي نفذتها إسرائيل في فترات سابقة باستثناء مارس ٢٠٢٤ (الشكل ٤)، بينما لم تشكل الأحداث المرتبطة بإسرائيل أكثر من ٤ بالمائة من جميع أحداث النزاع في سوريا في أي شهر معين (الشكل ٣).
كما وأدى التصعيد العسكري في سبتمبر وأكتوبر ٢٠٢٣ إلى موجة جديدة من النزوح في المناطق الشمالية من سوريا، مما زاد من النزوح الذي سببه زلزال شباط/فبراير ٢٠٢٣، الذي دمر مئات الآلاف من الوحدات السكنية، وأصبح حوالي ٥٠٠،٠٠٠ إلى ٦٠٠،٠٠٠ شخص بلا مأوى يعيشون نزوحًا داخلياً مؤقتًا، بينما تم تسجيل أكثر من ١٠٠،٠٠٠ شخص كنازحين داخليًا بعدما أُجبروا على الهجرة إلى مناطق أخرى داخل سوريا (الشكل ٣). وكان النزوح أقل بين أيار آب بسبب انخفاض حدة القتال.
وتسببت الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية والجماعات القبلية وكذلك الهجوم العسكري التركي في سبتمبر إلى نزوح أكثر من ٢٠،٠٠٠ شخص في محافظة دير الزور وحدها.
وتسبب الهجوم العسكري الذي قاده النظام السوري على ادلب في تشرين أول/ أكتوبر ٢٠٢٣ إلى نزح قرابة ١٢٠،٠٠٠ شخص إضافي. ليصبح بحلول نهاية عام ٢٠٢٣، أكثر من نصف سكان سوريا، ٧،٢ مليون نازح داخلي و٦،٧ مليون لاجئ في الخارج (الشكل ٣).
يظهر العنف المستمر في سوريا خلال عام ٢٠٢٣ تفاقم سوء الأوضاع الإنسانية والأمنية في البلاد، مع تزايد عدد القتلى والأحداث العنيفة بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات الأربعة السابقة. وكان تصاعد المعارك ـ سواء بين قوات النظام والمعارضة المسلحة، أو بين القوى الإقليمية والدولية بالوكالة ـ يزيد من تعقيد المشهد السوري، ويجعل من الصعب تحقيق السلام والاستقرار و الانتقال الوطني الديمقراطي.
وبالرغم من الجهود المبذولة للحد من العنف وإعادة بناء البنية التحتية، يبقى الوضع الأمني هشاً، ويتطلب حلاً داخلياً جذرياً، و تنسيقاً اممياً وإقليمياً أكثر فعالية يضمن الغاء حالة التدخل والوجود الخارجي، للتوصل إلى حلول دائمة تضمن سلامة السوريين والسوريات و سيادتهم واستقرار البلاد.
المعلومات الواردة في هذا التقرير مستندة إلى مؤشر الاقتصاد السوري، التقرير الفصلي لربيع ٢٠٢٣ الصادر عن البنك الدولي .