دائرة الذئاب
خاطرة | بقلم الزميل المحامي محمد علي صايغ, عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق الوطنية وعضو اللجنة الدستورية في هيئة التفاوض.
مقال
١٠ تموز ٢٠٢٤
في مجموعته القصصية "كسرة خبز" ، للكاتب سامي الجندي وفي إحداها بعنوان "حلقة الذئاب " ، يجسد الكاتب صورة الضعيف في عالم الأقوياء، في حلقة الذئاب الجوعى ، في الشتاء الثلجي للمناطق "السيبرية"، في ظروف مناخية قاسية جداً تندر معها القدرة على اصطياد الفرائس أو الحصول على فتات الطعام ، في هذه الظروف التي قد تؤدي إلى موت قطيع الذئاب ، يصطف الذئاب في حلقة دائرية ينظر الجميع لبعضهم، والجميع ينتظرون أن يسقط من الجوع والإعياء وعدم التحمل واحداً منهم ، ليهجم الجميع عليه بمخالبهم وأفواههم لاستمرار بقائهم أحياء.
هذه القصة التي يقتنصها الكاتب من عالم الحيوان، لها ما يؤكدها في عالم الإنسان، وقد يكون الإنسان أشد فتكاً من الحيوان على أخيه الإنسان. ففي وضعية الفساد مثلاً، يتعلل الأقوياء والضعفاء بقاعدة البقاء للأقوى، فأنت عليك لتبقى أن تسرق من جيوب الآخرين بكل وسيلةٍ كانت ، والمسروق عليه سرقة الآخر مهما كان السبب وبأية طريقة ..، فعلى كل واحد أن يتجه لسرقة من يستطيع سرقته، وهكذا تدور السرقة كدائرة الذئاب ، وبالتأكيد فإن الشخص الذي أحجم عن السرقة لقناعته بعدم مشروعيتها، فإنه سيسقط ويموت جوعاً.
وتحت هذه القاعدة يُسَوقُ الفاسدون مشروعية سرقتهم وتغولهم على الآخرين . فيغدو الشريف في زمن الفساد المعمم حماراً، والسارق شاطراً. والمرتشي واقعياً متكيفاً مع الواقع ، والنصاب والمزور ذكياً …..الخ.
وهكذا فإن دائرة الذئاب تفعل فعلها في حياة أوطاننا سلطةً وشعوب ... ولازالت دائرة الذئاب يجري استنساخها وتطبيقها في حياة شعوبنا، لإعطاء المشروعية أو لتبرير استخدام القوة والعنف في إذلال الشعوب ومطاردة الشرفاء منهم.