الدكتور منذر أبو مروان اسبر
بعد الاطلاع على تقرير المبعوث الأممي بيدرسون حول تشخيص الوضع السوري فيما يعيشه الشعب من استمرار حالة الحرب وفقدان الامن وبؤس الوضع المعيشي وارتفاع سعر الدولار بالليرات السورية وضرورة " التخفف من اثار العقوبات على السوريين " ومايهدد سورية من " تضافر قوى الطرد
المركزية للعمل على تمزيق سورية _ اراضيها ومجتمعها وهياكلها_ " الوطنية .
واذا كنا نقترب من اساسيات هذا التشخيص فإن أهم مايطرحه بيدرسون على ضوء تجربته مع كافة القوة الفاعلة في الملف السوري قد جاء في البند ١٥ من تقريره بما ينص على :
" أصبح من الأهمية بمكان استكشاف مقاربة جديدة شاملة والحاجة إلى استعادة سيادة سورية وخاصة في مسرح تعمل فيه ستة جيوش اجنبية ... "
والواقع انه لابد من مقاربة جديدة للوصول إلى حل سلمي تفاوضي للأسباب التالية :
١. أن الربط بين مسالة اللجنة الدستورية وبين اجراءات الثقة كما يشير التقرير أمر يدعو إلى التساؤل لأن التفاوض بين طرفين لا يفترض مسبقاً بناء الثقة بقدر ما أن هذه الثقة تأتي نتيجة لما يتم من اتفاق تفاوضي عليه .
٢. أن عدم القدرة على تحديد مكان جديد للجنة الدستورية فلان مصير هذه اللجنة أصبح مرتهناً أيضاً بالقوى الدولية التي وافقت عليها اكثر من موافقة السوريين أنفسهم بحيث كانت مجرد عتبة باتجاه الحل السلمي التفاوضي.
٣. لاشك أن وضعية التفاوض برمتها أصبحت بما يطرحه بيدرسون متأرجحة طالما أن روسيا وأمريكا في صراع حربي مباشرة أو بالوكالة، بحيث يصعب تفعيل الدبلوماسية الدولية بمافي ذلك مجلس الامن نفسه كما نرى ذلك في مسألة اوكرانيا أو فلسطين أو السودان أو ليبيا ....
٤. أن بيدرسون يطرح مقاربة جديدة للمسألة السورية بحيث تتجاوز التوافق الدولي السابق الذي نجم عنه القرار ٢٢٥٤ وذلك "باشراك جميع الأطراف الرئيسية بشكل كامل للوصول معاً إلى حل و خروجاً من المأزق القائم .
٥. يطرح بيدرسون المقاربة الجديدة بجمع كافة الأطراف الرئيسية بشكل كامل الا وهي:
الأطراف السورية + الدول الضامنة لصيغة استانا + مجموعة الاتصال العربية + المجموعة الرباعية .
٦. في حين أن هذه المقاربة أمر جديد يتجاوز أمريكا وروسيا بحد ذاتهما وقد فشلتا في تحقيق حل تفاوضي، فإن الصيغة الجديدة بهذا الحجم الواسع ستكون ساحة لتوسع الصراعات على المصالح والتجاذبات المتعارضة على سورية .
٧. أن بيدرسون يستدرك ذلك بإعطاء وظيفة تحضيرية لهذه المقاربة بانتظار مايطرحه في البند ١٨ من قدوم "الوقت الذي تتمكن فيه الدبلوماسية الدولية من إعادة تفعيل دورها...وتنفيذ القرار ٢٢٥٤.
من وجهة نظرنا فإن نمطا من هذه المقاربة يحتاج الى مؤتمر دولي تبادر إليه دولة وازنة لاتوجد في صراعات مباشرة أو بالوكالة مع غيرها وتحتفظ بعلاقات مع كافة الأطراف للسير قدما باتجاه حل سياسي ضمن القرار ٢٢٥٤ .
كنا تنتظر من بيدرسون طرح مكان لاجتماع اللجنة الدستورية أو مؤتمر دولي للمسألة السورية عوضا عن ترحيلها .