نظرة حول النشاط السياسي وتعقيداته في المراحل الانتقالية للصراع الدولي
رأي | بقلم الزميل علي الخطيب, عضو هيئة التنسيق الوطنية
رأي
٢٨ تموز ٢٠٢٤
السياسة لعب ومرونة أكثر مما هي أوامر وقواعد ثابتة وتقليد وتصنيم.
ما ألهمني الكتابة حول هذه الفكرة هي حسب رأيي ما تعانيه الحركة السياسية في سورية، ومنطقتنا وحتى في العالم من همود إذا صح التعبير، وهذا يعود إلى عاملين جوهريين هما:
خوف القديم من بنى وهياكل سياسية وفكرية واقتصادية على مكانته في التحكم والسيطرة وذلك في مستجد ما تطرحه ثورة الاتصالات وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ، وقدرة الآلة على مشاركة الإنسان في الإبداع وعلم الدقائق الصغيرة … ومن جهة ثانية عدم امتلاك الجديد كقوىٰ طبقية واجتماعية وسياسية وفكرية مقومات التحرر والنهوض، ووسائل وآليات الهدم لاقامة بنيان العالم الجديد، إنها مرحلة انتقال صعبة سيسودها العنف والتوتر، إلى أن يستقر العالم، إن دولاً أو شعوباً أو قوى طبقية واجتماعية، بحيث لا يطغى أحد على أحد، إن كانت طبقة على طبقة، أو أمة على أمة، أو دين على دين ..الخ
وكتفصيل آخر أنه بعد انهيار القطبية الثنائية بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي، وحيث تسلمت الإمبريالية بزعامة أمريكا قيادة العالم ، تمثل ظاهرياً في جر دول العالم دون معارضة تذكر الى حرب الخليج وضد العراق.. الحالة التي لا تزال أمريكا والدول التي تعدها تابعة لها، إذ هي من موقع قوتها لا تعترف بشركاء بل تابعين وملحقين..
لكن العالم لا يتوقف عند شكل محدد وثابت في علاقاته، فقد تقدمت دول وتأخرت أخرى، والآن فإن أحادية أمريكا كقطب مهيمن غدت محل شك وارتياب، رغم أن لا أحد الان يتنطح لمنافستها رغم محاولة الصين او روسيا اللتان بدأتا الدخول في المعترك الدولي كمنافستين اقتصادياً وعسكرياً.
هذا الوضع الذي لن يستمر طويلاً حتى تثبت القوى الجديدة جدارتها عبر الصراع الكوني المركب عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، وعبر استيعاب ما قدمه العصر الجديد من قيم ووسائل ومفاهيم.. الخ
إذ لا يمكن المساواة بين قدرة النظم الديموقراطية في التكيف مع المعطى الجديد، وما أكدته الانتخابات الفرنسية حين حجبت اليمين عن التقدم لقيادة فرنسا، لكن حتى في تلك الدول يتجلى الصراع بين القديم والجديد واضحاً وقوياً ما يعبر عنه تقدم اليمين في معظم أوروبا… إضافةً ما تتجلى عملية الجمود في منطقتنا، والذي يعبر عن نفسه باستمرار النظم القديمة نفسها كحكومات وهيئات سياسية ودينية ، لا بل وخوفا من الجديد يتم الرجوع إلى مفاهيم كان قد أتىٰ عليها التغيير ، كتمجيد الأشخاص وتقديس الأفكار وحتى الشعوذة والسحر والخرافة.. وحتى في البلدان التي انهارت نظمها تحت اسم الفوضى الخلاقة أو غير ذلك مثل ليبيا والعراق واليمن.. إنها لا تزال ركاماً ، اما النموذج الأفضل لنظام قديم بائد هو عندنا في سوريا .. كحكم فردي وأيديولوجيا مفوتة بالمعنى التاريخي ، وبناء سياسي عقيم وخائف من أي عملية تغيير..مع انتشار الفساد والتجهيل الذي ينخر كل البنىٰ الاجتماعية ، والفوضىٰ والاحتلالات والتدخل الخارجي..
وهناك أنواع من معارضة للنظام بعضها قريب منه وحوله.. وبعضها بعيد لكن معظمها محكوم تقريباً بنفس خصائص النظام في التبعية أو التصلب الأيديولوجي أو الديني او القومي أو الطبقي.. واذا صح لنا ان نستثني منها فهو القليل..
وإذا كنت لا أرغب الآن في الشخصنة .. وهذا ممكن في وقت أخر ، لكن ما اود قوله ان هناك عوز ظاهر في الفاعلية السياسية..إن ثبات البنية وبقاء القائد والرمزية التي لا تقوم على أسس صحيحة، والارتهان للدول، وثبات البرامج والعجز عن تحريك القاع الشعبي هي سمة عامة . ولكن لو قرأنا الواقع ومستجداته نجد الآن حراك الشارع الفلسطيني وحرب غزة، وحراك الساحات في الداخل خارج سلطة النظام إن في الشمال السوري منطقة سيطرة الفصائل والأتراك والسويداء والجزيرة ودرعا هي نذر التغيير التي يقيدها - كما ذكرت-قصور القيادات والأحزاب الوطنية والقمع من القوى المتحكمة، وهيمنة الدول على القرار السوري ، وفي الداخل قمع السلطة والتخويف والتجويع وغيره .. لكن هذه الأشياء كلها هي ما يتطلب كما ذكرت الخروج من نمطية العمل الحزبي
إلى فضاء المرونة وتلمس حاجات الناس وقراءة الواقع بتفصيل أكثر، ومراجعة البرامج
وتحديثها .. والتعاطي مع المشروع الدولي مع الحذر الشديد لأن مصالح الدول الأغلب الأعم لا تنسجم مع مطالب الشعوب تماما. ويجب عدم نسيان بوصلة الصراع الكوني بين المستغلين والمستغلين بفتح الغين.